أحاديث ياسمينتى - الجزء الاول- مناجاة تحت المطر
صفحة 1 من اصل 1
أحاديث ياسمينتى - الجزء الاول- مناجاة تحت المطر
أحاديث ياسمينتى
(1) مناجاة تحت المطر
اه ياسمينة قلبى الحبيبة، يا نجمة حديقتي الجميلة، أي روح مباركة تلك التي وهبها الله لك لكى تصبحي بين عشية وضحاها اميرة قلبى وملكة زهور حديقتي المتوجة، وكيف ومتى تسللت بنعومة الى عالمى الصغيرة..؟ كل ما اتذكره عن حياتى قبلك هو اننى كنت وحيدا لا يؤنسنى في ليالى الطويلة سوى صديقى القمر، وعندما كان يختفى في مكانه السرى أيام خلوته المقدسة تاركا اياى في الظلام اصارع بمفردى وحشية أفكارى المبهمة المشوشة كنت استرق النظر الى النجوم البعيدة المتألقة، واحلم، ودائما كان بصرى يمر سريعا على مختلف النجمات الفاتنات ثم يتوقف مشدوها امام نجمة بعينها يبدو ضوءها في عينى دائما صافيا نقيا مبهجا، و متناقضا تماما مع ضوء النجم سهيل الاصفر الباهت الذى دائما ما كنت ألاحظه بالقرب منها كحارس غليظ غيور، وعندما كنت اديم النظر اليها كان ضوئها يرتعش برقة وكأنما هي حورية سماوية فاتنة تطرف بعينيها خجلا من نظراتى الجريئة المفتونة وكنت حينئذ اطلق لخيالي العنان فاراه ينطلق ناحية السماء كعصفور برى اسير فتحت له يد حانية باب القفص الضيق، وعندما يقترب من نجمتى الحبيبة يتوقف مجهدا عاجزا عن الطيران وينظر لى في حيرة والم، وعندئذ كنت امد يدي ناحيتها في شوق، فكانت زراعي تتمددان وتطولان و تقتربان حتى تكاد ان تلامسانها، ثم ترتعشان وتعودان بسرعة البرق خاليتان لتلطما رأسي بعنف، وانتبه فاذا بى أجلس في حديقتى وحيدا و ذراعى مرفوعة الى السماء وكأننى صوفى مجذوب يبتهل الى الله بعقل مذهول، عندئذ كنت أنظر حولى في خجل وحيرة ثم أعود لأصارع أفكارى الكئيبة، او تنتهز هي الفرضة لتعود الى مكانها في رأسى المتعب، ثم، وفى ليلة ربيعية رائعة، وبينما كنت اتسامر مع القمر، رأيتك... نجمة بديعة مشرقة تنظر الى في حياء من فرجة بين شجرتين من أشجار حديقتي وكأنها غادة خجولة تختلس النظر الى حيث يجلس شاب وسيم قد تقدم لخطبتها لتوه، نجمة يقترب ضوءها ويبتعد، يظهر ويختفى، مع هبات النسيم العليل كذلك الضوء الذى يهدى الملاح التائه في مجاهل البحار المظلمة الى مرفأ الأمان والسلام، لقد كنت انت -ياسمينتى الحبيبة- وقد تفتحت اول زهرة من ازهارك الشذية لتوها، ونظرت الى السماء فوجدت نجمتى الاثيرة تومض برقة ومرح وقد خفت ضوؤها قليلا وكأنها تشير الى أنها أرسلت جزءا من روحها النورانية ليكون قريبا منى، رغما عن حارسها الشقى، سهيل، الذى بدى لى وجهه الان اكثر اصفرارا وكآبة، أما وقد تحقق حلمى وأصبحت نجمة فاتنة من نجوم السماء في متناول يدى، فقد اقتربت منك بشوق وحذر، وتأملتك طويلا ، واحببتك، ، لكننى – ويا للعجب- لم أحاول مطلقا أن المسك او حتى ان اقترب منك كثيرا فلقد خشيت على اوراقك الناعمة البيضاء الرقيقة من اناملي الخشنة، وانفاسى الحارة ، وادرانى البشرية المؤذية، فقط نقلت كرسى الوثير ليكون على مقربة منك وجلست اتأملك مفتونا وتتأمليننى مستطلعة فى خقر وحياء، ولأول مرة منذ سنوات طوال تصبح افكارى اكثر صفاء وضوحا وتفاؤلا، ومن يومها أصبحت جلستى المفضلة بجوارك، وعندما عاد صديقى القمر الطيب من خلوته رآنا ففهم وأدرك وغض الطرف وان شحب لونه قليلا، وهكذا قضينا ليالى الصيف تناجينى واناجيك، وابوح لك بمكنونات قلبى فتصغين منتشيه، كنت تتجاوبين مع احاديثى باسلوبك الخاص الساحر فتهزين اوراقك البيضاء الرقيقة موافقة او ضاحكة او تبعدين اغصانك الغضة الى الوراء مجفلة في حياء اذا بدرت منى جملة غزل عفوية عفيفة، وعندما كنت انشد لك ابيات قصيدة رائعة او اترنم على مسمعك بالحان اغنية عذبة او اقص عليك واحدة من قصصى الطفولية الساذجة، كنت تنصتين باهتمام ثم دائما كنت تكافئننى بدفقة من العبير الحلو كانت تجعل روحى تطير من حولك كفراشة عاشقة، حتى في فترات الصمت الطويلة التي كانت تمر ونحن ننظر الى بعضنا كنا نتحدث، انا بعينى وانت بإرتجافات اوراقك الخفيفة .. يا الله، ألا ما اجمل واعذب وأرق الليالى التي ينادمك فيها قمر صديق، وتؤنس وحدتك فيها نجمة متألقة، وتصغى لاحاديثك ياسمينة رقيقة، وما اسرع مرور الأيام عندما لا يكون قلبك وحيدا، وهكذا أصبحت يا ياسمينتى الحبيبة، محور حياتى ونجمى الهادى ومصدر الهامى، و مرت شهور الصيف سريعا ولحقت بها شهور الخريف ثم رأيتك فجأة تذبلين و تذوين امام عينى الملتاعتين رويدا رويدا، فأسقط في يدي وراودتني مختلف الظنون والأوهام .. ترى هل مللت صحبتى، يمكنك ان تعودين الى مصدرك النورانى وسأظل اتذكرك واناجيك في سمائك على الدوام، هل تشعرين بالضجر لأنك شجرة الياسمين الوحيدة في حديقتى .. الم تدركي بعد اننى لا اريد لشجرة ياسمين أخرى مهما بلغ جمالها ان تشاركك دفء قلبى الصغير ...؟؟ حسنا اذا لم يكن هذا ولا ذاك فماذا الم بك يا صغيرتى المسكينة ...؟ هل اهملت في رعايتك والاعتناء بك فأغفلت امرا تتطلبه صحبة الياسمين؟؟ بالطبع استشرت عشرات البستانية وعلماء الزهور وخبراء الحسن، واجمعوا على ان الياسمينة الاصيلة تبلغ من الرقة حدا انها لا تستطيع تحمل قسوة البرودة فتمرض وتذبل وانها قد تعود الى سابق عهدها مع عودة الدفء الى عالمها، ولكنهم جميعا كانوا ينهون حديثهم بعد ان يفحصوا ياسمينتى بقولهم: هذه ياسمينة عجيبة لم نر مثيل لها من قبل، انها تبدو وكأن ما يسرى في عروقها الشفافة خليط من الرحيق والضياء، ان ياسمينة بهذه الرقة لن تعود أبدا الى الحياة، ثم يهزون رؤوسهم في اسى ويمضون الى حل سبيلهم تاركين اياى بقلب محطم، لجأت إلى كتب العشابين القدماء وأوراق الدجالين الصفراء وجربت جميع الوصفات المزعومة دون جدوى حتى قرأت في مخطوطة قديمة ان هناك نوعا نادرا من الياسمين لا ينبت إلا إذا وهبته نجمة طيبة شيئا من ضياءها، وان هذه الياسمينة النبيلة اذا امرضها السقيع يمكنها ان تعود الى الحياة بصفة مؤكدة في الربيع إذا حرص صاحبها على ان يقترب منها ويناجيها كل ليلة بأعذب ما لديه من كلمات نابعة من أعماق قلبه الدافئ، لكن الوصفة تحذر انه إذا تخلف عن مناجاتها ليلة واحدة من ليالى البرد فسيفقدها إلى الأبد، وقد فعلت هذا طيلة الأيام الماضية، أما اليوم ... فأرجوك ان تعذرينى إن أنا ناجيتك من خلف زجاج نافذة حجرتى البارد المبلل ، فالمطر شديد والريح عاصفة، والرعد يطلق صرخاته محذرا العشاق والحالمين كعجوز حقود لئيم، والبرق القاسى يتلوى بين السحب كتنين شرير هائل يبحث عن ضحية مسكينة، وانا بشرى ضعيف، يغرقنى المطر ويمرضنى برد رياح الشتاء القارص، ويزلزلنى ازيز الرعد المنذر ويرهبنى ضوء البرق المبهم، انا اعلم انك تسمعين مناجاتى الان رغم جفاف اغصانك وضجيج تساقط المطر وازيز الرعد والحواجز التي تفصل بيننا فالحديث بين زهرة وعصفورها الوفى لا يحتاج الى لسان، يكفى ان تصيخى بروحك وستسمعين همسات روحى واضحة صافية فهمسات الاروح الرقيقة ابلغ الف مرة من حديث اللسان، خاصة عندما تتسلل من بين حبات المطر وكأنها صديقة وفية تنقل رسائل الغرام بين عاشقين، وقد اكد مؤلف المخطوطة على ان اجمل همسات الاحبة وابرعها شفاء للقلوب تلك التي تكون مصحوبة بموسيقى المطر، وانا لن افوت هذه الفرصة، ولن اتركك ابدا، وغدا، عندما يتوقف المطر، سأعود لأجلس بجوارك كما كنت افعل دائما، وسأحكى لك قصة جميلة لم احكها لاحد من قبل، وقريبا ، عندما يسفر الربيع عن وجهه البديع سنغنى سويا – انا وانت فقط- تحت ضوء نجومك الحانية حتى يطلع الصباح.
د. منذر محمد عبد الرحمن صان الدين #منذر_صان_الدين
من كتابى
قهوة وياسمين وطفل صغير - تحت الطبع
تحذير
هذا النص محمي بموجب قوانين حفظ حقوق المليكة الفكرية ويسمح بنقل النص او باقتباس جزء منه مع ذكر اسم الكاتب، كما يمنع منعا باتا اقتباس او نقل الموضوع باي طريقة
الكترونية او غير الكترونية الى كتب او اسطونات تجارية دون اذن مسبق من صاحب المقال.
(1) مناجاة تحت المطر
اه ياسمينة قلبى الحبيبة، يا نجمة حديقتي الجميلة، أي روح مباركة تلك التي وهبها الله لك لكى تصبحي بين عشية وضحاها اميرة قلبى وملكة زهور حديقتي المتوجة، وكيف ومتى تسللت بنعومة الى عالمى الصغيرة..؟ كل ما اتذكره عن حياتى قبلك هو اننى كنت وحيدا لا يؤنسنى في ليالى الطويلة سوى صديقى القمر، وعندما كان يختفى في مكانه السرى أيام خلوته المقدسة تاركا اياى في الظلام اصارع بمفردى وحشية أفكارى المبهمة المشوشة كنت استرق النظر الى النجوم البعيدة المتألقة، واحلم، ودائما كان بصرى يمر سريعا على مختلف النجمات الفاتنات ثم يتوقف مشدوها امام نجمة بعينها يبدو ضوءها في عينى دائما صافيا نقيا مبهجا، و متناقضا تماما مع ضوء النجم سهيل الاصفر الباهت الذى دائما ما كنت ألاحظه بالقرب منها كحارس غليظ غيور، وعندما كنت اديم النظر اليها كان ضوئها يرتعش برقة وكأنما هي حورية سماوية فاتنة تطرف بعينيها خجلا من نظراتى الجريئة المفتونة وكنت حينئذ اطلق لخيالي العنان فاراه ينطلق ناحية السماء كعصفور برى اسير فتحت له يد حانية باب القفص الضيق، وعندما يقترب من نجمتى الحبيبة يتوقف مجهدا عاجزا عن الطيران وينظر لى في حيرة والم، وعندئذ كنت امد يدي ناحيتها في شوق، فكانت زراعي تتمددان وتطولان و تقتربان حتى تكاد ان تلامسانها، ثم ترتعشان وتعودان بسرعة البرق خاليتان لتلطما رأسي بعنف، وانتبه فاذا بى أجلس في حديقتى وحيدا و ذراعى مرفوعة الى السماء وكأننى صوفى مجذوب يبتهل الى الله بعقل مذهول، عندئذ كنت أنظر حولى في خجل وحيرة ثم أعود لأصارع أفكارى الكئيبة، او تنتهز هي الفرضة لتعود الى مكانها في رأسى المتعب، ثم، وفى ليلة ربيعية رائعة، وبينما كنت اتسامر مع القمر، رأيتك... نجمة بديعة مشرقة تنظر الى في حياء من فرجة بين شجرتين من أشجار حديقتي وكأنها غادة خجولة تختلس النظر الى حيث يجلس شاب وسيم قد تقدم لخطبتها لتوه، نجمة يقترب ضوءها ويبتعد، يظهر ويختفى، مع هبات النسيم العليل كذلك الضوء الذى يهدى الملاح التائه في مجاهل البحار المظلمة الى مرفأ الأمان والسلام، لقد كنت انت -ياسمينتى الحبيبة- وقد تفتحت اول زهرة من ازهارك الشذية لتوها، ونظرت الى السماء فوجدت نجمتى الاثيرة تومض برقة ومرح وقد خفت ضوؤها قليلا وكأنها تشير الى أنها أرسلت جزءا من روحها النورانية ليكون قريبا منى، رغما عن حارسها الشقى، سهيل، الذى بدى لى وجهه الان اكثر اصفرارا وكآبة، أما وقد تحقق حلمى وأصبحت نجمة فاتنة من نجوم السماء في متناول يدى، فقد اقتربت منك بشوق وحذر، وتأملتك طويلا ، واحببتك، ، لكننى – ويا للعجب- لم أحاول مطلقا أن المسك او حتى ان اقترب منك كثيرا فلقد خشيت على اوراقك الناعمة البيضاء الرقيقة من اناملي الخشنة، وانفاسى الحارة ، وادرانى البشرية المؤذية، فقط نقلت كرسى الوثير ليكون على مقربة منك وجلست اتأملك مفتونا وتتأمليننى مستطلعة فى خقر وحياء، ولأول مرة منذ سنوات طوال تصبح افكارى اكثر صفاء وضوحا وتفاؤلا، ومن يومها أصبحت جلستى المفضلة بجوارك، وعندما عاد صديقى القمر الطيب من خلوته رآنا ففهم وأدرك وغض الطرف وان شحب لونه قليلا، وهكذا قضينا ليالى الصيف تناجينى واناجيك، وابوح لك بمكنونات قلبى فتصغين منتشيه، كنت تتجاوبين مع احاديثى باسلوبك الخاص الساحر فتهزين اوراقك البيضاء الرقيقة موافقة او ضاحكة او تبعدين اغصانك الغضة الى الوراء مجفلة في حياء اذا بدرت منى جملة غزل عفوية عفيفة، وعندما كنت انشد لك ابيات قصيدة رائعة او اترنم على مسمعك بالحان اغنية عذبة او اقص عليك واحدة من قصصى الطفولية الساذجة، كنت تنصتين باهتمام ثم دائما كنت تكافئننى بدفقة من العبير الحلو كانت تجعل روحى تطير من حولك كفراشة عاشقة، حتى في فترات الصمت الطويلة التي كانت تمر ونحن ننظر الى بعضنا كنا نتحدث، انا بعينى وانت بإرتجافات اوراقك الخفيفة .. يا الله، ألا ما اجمل واعذب وأرق الليالى التي ينادمك فيها قمر صديق، وتؤنس وحدتك فيها نجمة متألقة، وتصغى لاحاديثك ياسمينة رقيقة، وما اسرع مرور الأيام عندما لا يكون قلبك وحيدا، وهكذا أصبحت يا ياسمينتى الحبيبة، محور حياتى ونجمى الهادى ومصدر الهامى، و مرت شهور الصيف سريعا ولحقت بها شهور الخريف ثم رأيتك فجأة تذبلين و تذوين امام عينى الملتاعتين رويدا رويدا، فأسقط في يدي وراودتني مختلف الظنون والأوهام .. ترى هل مللت صحبتى، يمكنك ان تعودين الى مصدرك النورانى وسأظل اتذكرك واناجيك في سمائك على الدوام، هل تشعرين بالضجر لأنك شجرة الياسمين الوحيدة في حديقتى .. الم تدركي بعد اننى لا اريد لشجرة ياسمين أخرى مهما بلغ جمالها ان تشاركك دفء قلبى الصغير ...؟؟ حسنا اذا لم يكن هذا ولا ذاك فماذا الم بك يا صغيرتى المسكينة ...؟ هل اهملت في رعايتك والاعتناء بك فأغفلت امرا تتطلبه صحبة الياسمين؟؟ بالطبع استشرت عشرات البستانية وعلماء الزهور وخبراء الحسن، واجمعوا على ان الياسمينة الاصيلة تبلغ من الرقة حدا انها لا تستطيع تحمل قسوة البرودة فتمرض وتذبل وانها قد تعود الى سابق عهدها مع عودة الدفء الى عالمها، ولكنهم جميعا كانوا ينهون حديثهم بعد ان يفحصوا ياسمينتى بقولهم: هذه ياسمينة عجيبة لم نر مثيل لها من قبل، انها تبدو وكأن ما يسرى في عروقها الشفافة خليط من الرحيق والضياء، ان ياسمينة بهذه الرقة لن تعود أبدا الى الحياة، ثم يهزون رؤوسهم في اسى ويمضون الى حل سبيلهم تاركين اياى بقلب محطم، لجأت إلى كتب العشابين القدماء وأوراق الدجالين الصفراء وجربت جميع الوصفات المزعومة دون جدوى حتى قرأت في مخطوطة قديمة ان هناك نوعا نادرا من الياسمين لا ينبت إلا إذا وهبته نجمة طيبة شيئا من ضياءها، وان هذه الياسمينة النبيلة اذا امرضها السقيع يمكنها ان تعود الى الحياة بصفة مؤكدة في الربيع إذا حرص صاحبها على ان يقترب منها ويناجيها كل ليلة بأعذب ما لديه من كلمات نابعة من أعماق قلبه الدافئ، لكن الوصفة تحذر انه إذا تخلف عن مناجاتها ليلة واحدة من ليالى البرد فسيفقدها إلى الأبد، وقد فعلت هذا طيلة الأيام الماضية، أما اليوم ... فأرجوك ان تعذرينى إن أنا ناجيتك من خلف زجاج نافذة حجرتى البارد المبلل ، فالمطر شديد والريح عاصفة، والرعد يطلق صرخاته محذرا العشاق والحالمين كعجوز حقود لئيم، والبرق القاسى يتلوى بين السحب كتنين شرير هائل يبحث عن ضحية مسكينة، وانا بشرى ضعيف، يغرقنى المطر ويمرضنى برد رياح الشتاء القارص، ويزلزلنى ازيز الرعد المنذر ويرهبنى ضوء البرق المبهم، انا اعلم انك تسمعين مناجاتى الان رغم جفاف اغصانك وضجيج تساقط المطر وازيز الرعد والحواجز التي تفصل بيننا فالحديث بين زهرة وعصفورها الوفى لا يحتاج الى لسان، يكفى ان تصيخى بروحك وستسمعين همسات روحى واضحة صافية فهمسات الاروح الرقيقة ابلغ الف مرة من حديث اللسان، خاصة عندما تتسلل من بين حبات المطر وكأنها صديقة وفية تنقل رسائل الغرام بين عاشقين، وقد اكد مؤلف المخطوطة على ان اجمل همسات الاحبة وابرعها شفاء للقلوب تلك التي تكون مصحوبة بموسيقى المطر، وانا لن افوت هذه الفرصة، ولن اتركك ابدا، وغدا، عندما يتوقف المطر، سأعود لأجلس بجوارك كما كنت افعل دائما، وسأحكى لك قصة جميلة لم احكها لاحد من قبل، وقريبا ، عندما يسفر الربيع عن وجهه البديع سنغنى سويا – انا وانت فقط- تحت ضوء نجومك الحانية حتى يطلع الصباح.
د. منذر محمد عبد الرحمن صان الدين #منذر_صان_الدين
من كتابى
قهوة وياسمين وطفل صغير - تحت الطبع
تحذير
هذا النص محمي بموجب قوانين حفظ حقوق المليكة الفكرية ويسمح بنقل النص او باقتباس جزء منه مع ذكر اسم الكاتب، كما يمنع منعا باتا اقتباس او نقل الموضوع باي طريقة
الكترونية او غير الكترونية الى كتب او اسطونات تجارية دون اذن مسبق من صاحب المقال.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى