قصيدة: "أزف الرحيل"

من طرف **Dr. Monzer Saneldeen** السبت مايو 09, 2015 10:23 am

أزف الرحيل

الشاعر العبقرى الراحل: محمد عبد الرحمن صان الدين
من ديوان: أعاصير وانسام –الهيئة المصرية العامة للكتاب -1988- ص41-43

أعنى أيها الجسم العليل ***** أعنى أيها الفكر الكليل
وكن طوع الأنامل مستجيبا ***** لفكرى ايها القلم الكسول
لأخرج ما بقلبى من كنوز***** وأنغام فقد أزف الرحيل
وذا ضوء السراج إلى خفوت ***** فما فى زيته الا القليل
وشمس العمر ترعش فى خطاها ***** وقد اوهى اشعتها الاصيل
سأقفل راجعا من حيث جئت ***** وما موت الفتى الا قفول

*_*_*

صحبت العيش لونا بعد لون ***** وأحوالا تبدل أو تحول
فماذا غير أطيافٍ تراءى ***** وأشباح مُقطبة تهول
وأوهام بها يفتر ثغر ***** وأوهام بها يعلو عويل
وشعوذة بها يردى صحيح ***** وشعوذة بها يشفى عليل
وغاب فيه أطيار تغنى ***** وغيلان مزمجرة تغول
وساعات تمر مجنحات ***** وأيام لها زحف ثقيل
وآمال ترعرع ثم تذوى ***** فتنثرها دبور أو قبول
وقطعان عشاوى هائمات ***** بليل الجهل يحدوها ضليل

*-*-*

تغيرت المعالم يا إلهى ***** وضلت فى المتاهات العقول
فأصوات الهراء لها دوى ***** وصوت العقل مخنوق هزيل
إذا نعب الغراب فقد تلاشى ***** من الأيكات فى الروض الهديل
فأف للحياة اذا اكفهرت ***** وعمى فى مجاهلها السبيل

*-*-*

سأرحل يا بنى الدنيا وإنى ***** لتلك الرحلة الكبرى عجول
فما فى غابة الدنيا حقير ***** به قلبى تعلق او جليل
هناك على الحقيقى سوف احيا ***** حياة لم يدنسها جهول
وأسبح فى ضياء سرمدى ***** فلا قيد يحد ولا سدول
وقد سطع الوجود أمام عينى ***** بشمس ليس يعروها إفول
على شطآن نهر الخلد أخطو ***** فيسكر خاطرى ظل ظليل

*-*-*

وداعا ايها الناسوت إنى ***** سأرحل والفؤاد به غليل
فلم احمد مقامى فيك يوما ***** وهل حمدت لدى حر كبول
فعد للترب موطوءا مهينا ***** كذا كل لمعدنه يؤول

*-*-*-*-*-*-*

أوهى = أضعف
الأصيل = ما بين العصر والمغرب
يردى : يهلك
اكفهرت = اسودت وأظلمت
سرمدى = دائم وخالد
الناسوت = الجسم
كبول = قيود