رائعة الشاعر: حكمة طائر
صفحة 1 من اصل 1
رائعة الشاعر: حكمة طائر
حكمة طائر
الاستاذ| محمد عبد الرحمن صان الدين
ديوان أعاصير وأنسام – ص44-47
قد قلت للعصفور وهو يرف بيـــــــــــــــــــــــــــــن جداول رقراقة وأزاهر
فوق المروج الممرعات الفيح يشـــــــــــــــــــــــــدو للحياة وللصباح الناضر
ويردد الأنغام ساحرة الصدى ـــــــــــــــــــــــــــ من فوق عرش الأيك عفو الخاطر:
"يهنيك يا عصفور عيش ناعم ـــــــــــــــــــــــــ لك فيه ما يهوى خيال الشاعر
إن الفضاء مسخر لك فى مدى الأفــــــــــــــــــــق المدبج بالضياء الباهر
والروض ملكك والغصون المثقــــــــــــــــــــــــلات الحانيات على الغدير الزاخر
والظل والماء النمير وبسمة الإصـــــــــــــــــــــباح فى بهو الوجود الساحر
تغدو به وتروح حرا آمنا ــــــــــــــــــــــــــــــــ كالحلم كالطيف الجميل العابر
فإذا أجن الليل تأوى هانئا ــــــــــــــــــــــــــــــ كالطفل فى دعة وسكر مشاعر
مستعصما فى دوحة شماء يقـــــــــــــــــــــــــــصر عن مداها كل خب جائر
ترعاك فى مهد يظلله الكرى ــــــــــــــــــــــــ أحداق نجم فى الدياجى ساهر
فى مأمن من عاديات مخاتل ــــــــــــــــــــــــ أو طامع أو شانىء أو غادر"
فأجابنى العصفور فى سمت الحكـــــــــــــــــــيم وفى اشارة فيلسوف ساخر
ورنا إلى وفى وميض عيونه ــــــــــــــــــــــ عبرات راث وابتسامة ماكر:
"ويح ابن آدم فى نضارة عيشه ــــــــــــــــــــ يخطو كخطوات الضرير العاثر
يجتاز درب حياته مترنحا ــــــــــــــــــــــــــ بجبلة حيرى وعزم خائر
يشقى ويسعد بالوهوم كأنه ـــــــــــــــــــــــــ فى رشده يحيا بفكر قاصر
ويهيم فى بيد الحياة مضلالا ــــــــــــــــــــــ عن روحها ولبابها بالظاهر
وهو المدل بعقله وذكائه ـــــــــــــــــــــــــــ وهو المسف إلى الحضيض الغائر
يا ويحه من جاهر متعالم ــــــــــــــــــــــــــ كلف بسفساف الامور مكابر"
ثم استدار الفيلسوف موليا ــــــــــــــــــــــــــ متحصنا منى بغصن آخر
وكأنما قد رابه من انتابنى ــــــــــــــــــــــــ من عزة عصفت بكل مشاعرى
لكنه أومى باصغائى له ــــــــــــــــــــــــــــ فبقيت منجذبا اليه بسائرى
ومضيت أرهف مسمعى لحديثه ــــــــــــــــــــ ومضى يخاطبنى بعين محاذر:
"قف يا وعاء الحمق واسمع اننى ــــــــــــــــــ أفضى اليك بخبرتى وسرائرى
كم ذا الاقى فى حياتى مزعجا ــــــــــــــــــــــ وأمر بين فجاجها بمخاطر
أجتاز فى وضح النهار حبائل ـــــــــــــــــــــــ الصياد أو فخ الصبى الهاذر
ويقوض الأطفال عشى عنوة ــــــــــــــــــــــــ فأعود ابنيه بعزم مثابر
وأبيت أحلم بانقضاض الصقر أو ــــــــــــــــ زحف الأفاعى فى رهيب دياجرى
وتقض زمجرة العواصف مضجعى ــــــــــــ ويهولنى رعد السحاب الماطر
حتى إذا ولى الظلام بهوله ـــــــــــــــــــــــــ وبدت تباشير الصباح السافر
أشدو وأرقص مغفلا ما كان أو ــــــــــــــــــ سيكون فى الكون الرحيب الهادر
لا أركضن خلف الأمانى لاهثا ـــــــــــــــــ كلا ولا ابكى رحيق الغابر
إن الحياة كما أحس بفطرتى ـــــــــــــــــــــ أفراح يوم وانتهازة حاضر
خذها كما شاء الإله مطِية ــــــــــــــــــــــــ فى رحلة أو واحة لمسافر"
فوقفت مشدوه المشاعر خاشعا ـــــــــــــــــ متعجبا اصغى لحكمة طائر
*****
******
*******
الممرعات = الخصبةالاستاذ| محمد عبد الرحمن صان الدين
ديوان أعاصير وأنسام – ص44-47
قد قلت للعصفور وهو يرف بيـــــــــــــــــــــــــــــن جداول رقراقة وأزاهر
فوق المروج الممرعات الفيح يشـــــــــــــــــــــــــدو للحياة وللصباح الناضر
ويردد الأنغام ساحرة الصدى ـــــــــــــــــــــــــــ من فوق عرش الأيك عفو الخاطر:
"يهنيك يا عصفور عيش ناعم ـــــــــــــــــــــــــ لك فيه ما يهوى خيال الشاعر
إن الفضاء مسخر لك فى مدى الأفــــــــــــــــــــق المدبج بالضياء الباهر
والروض ملكك والغصون المثقــــــــــــــــــــــــلات الحانيات على الغدير الزاخر
والظل والماء النمير وبسمة الإصـــــــــــــــــــــباح فى بهو الوجود الساحر
تغدو به وتروح حرا آمنا ــــــــــــــــــــــــــــــــ كالحلم كالطيف الجميل العابر
فإذا أجن الليل تأوى هانئا ــــــــــــــــــــــــــــــ كالطفل فى دعة وسكر مشاعر
مستعصما فى دوحة شماء يقـــــــــــــــــــــــــــصر عن مداها كل خب جائر
ترعاك فى مهد يظلله الكرى ــــــــــــــــــــــــ أحداق نجم فى الدياجى ساهر
فى مأمن من عاديات مخاتل ــــــــــــــــــــــــ أو طامع أو شانىء أو غادر"
فأجابنى العصفور فى سمت الحكـــــــــــــــــــيم وفى اشارة فيلسوف ساخر
ورنا إلى وفى وميض عيونه ــــــــــــــــــــــ عبرات راث وابتسامة ماكر:
"ويح ابن آدم فى نضارة عيشه ــــــــــــــــــــ يخطو كخطوات الضرير العاثر
يجتاز درب حياته مترنحا ــــــــــــــــــــــــــ بجبلة حيرى وعزم خائر
يشقى ويسعد بالوهوم كأنه ـــــــــــــــــــــــــ فى رشده يحيا بفكر قاصر
ويهيم فى بيد الحياة مضلالا ــــــــــــــــــــــ عن روحها ولبابها بالظاهر
وهو المدل بعقله وذكائه ـــــــــــــــــــــــــــ وهو المسف إلى الحضيض الغائر
يا ويحه من جاهر متعالم ــــــــــــــــــــــــــ كلف بسفساف الامور مكابر"
ثم استدار الفيلسوف موليا ــــــــــــــــــــــــــ متحصنا منى بغصن آخر
وكأنما قد رابه من انتابنى ــــــــــــــــــــــــ من عزة عصفت بكل مشاعرى
لكنه أومى باصغائى له ــــــــــــــــــــــــــــ فبقيت منجذبا اليه بسائرى
ومضيت أرهف مسمعى لحديثه ــــــــــــــــــــ ومضى يخاطبنى بعين محاذر:
"قف يا وعاء الحمق واسمع اننى ــــــــــــــــــ أفضى اليك بخبرتى وسرائرى
كم ذا الاقى فى حياتى مزعجا ــــــــــــــــــــــ وأمر بين فجاجها بمخاطر
أجتاز فى وضح النهار حبائل ـــــــــــــــــــــــ الصياد أو فخ الصبى الهاذر
ويقوض الأطفال عشى عنوة ــــــــــــــــــــــــ فأعود ابنيه بعزم مثابر
وأبيت أحلم بانقضاض الصقر أو ــــــــــــــــ زحف الأفاعى فى رهيب دياجرى
وتقض زمجرة العواصف مضجعى ــــــــــــ ويهولنى رعد السحاب الماطر
حتى إذا ولى الظلام بهوله ـــــــــــــــــــــــــ وبدت تباشير الصباح السافر
أشدو وأرقص مغفلا ما كان أو ــــــــــــــــــ سيكون فى الكون الرحيب الهادر
لا أركضن خلف الأمانى لاهثا ـــــــــــــــــ كلا ولا ابكى رحيق الغابر
إن الحياة كما أحس بفطرتى ـــــــــــــــــــــ أفراح يوم وانتهازة حاضر
خذها كما شاء الإله مطِية ــــــــــــــــــــــــ فى رحلة أو واحة لمسافر"
فوقفت مشدوه المشاعر خاشعا ـــــــــــــــــ متعجبا اصغى لحكمة طائر
*****
******
*******
الفيح = العطرة الواسعة
الأيك = الشجر الكثيف
المدبج = المزين المنقوش
النمير = الذى يروى
بهو = متسع
أجن = أظلم
خب = مخادع غدار
رنا = أنعم النظر
راث = مشفق عليه متألم
المدل = المتعال
المسف = المتدنى
كلف = مولع مغرم
رابة = شككه
انتابنى = حل بى
مواضيع مماثلة
» رائعة الشاعر : سأشدو
» الشاعر محمد صان الدين فى عينى الشاعر الكبير احمد عبد الهادى
» زمردة الشاعر المكنونة: صمت الطيور
» قصيدة الشاعر الحارقة : الجمرة
» اعمال الشاعر
» الشاعر محمد صان الدين فى عينى الشاعر الكبير احمد عبد الهادى
» زمردة الشاعر المكنونة: صمت الطيور
» قصيدة الشاعر الحارقة : الجمرة
» اعمال الشاعر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى