القصيدة الرابعة عشر من ديوان الانسان فى الميزان:"غزو الفضاء"

غزو الفضاء

كوكب يحيا به الأنسان بدع في الكواكب
منه طارت في فتو تفزع النجم المركب
تمخر الدنيا كنجم يطرق الأفلاك ثاقب
ما الذي تجنيه من غزو سوى جلب المصائب
بيد أن الأرض فيها عن يد الإنسان عازب(1)
*****
يا أولي الألباب قولوا للذي في الناس أكدي(2)
أيها أدني من الظمآن في الأحياء وردا ؟
كيف يرجو ساكن الغبراء عند النجم ؤفدا(3)
كيف ولي عن كنوز البيد نكرانا وزهدا
إن غزو الأقرب المأمون فوق الأرض أجدى
*****
يمحق المغرور فوق الأرض أسباب الحياه
ويولي وجهه شطر النجوم النائبات
يبتغي في جوفها الخافي كنوزا وافرات
زاعما أن الذي يبنيه فلك للنجاة
أنها الأوهام تنمو في عقول شاردات(4)
*****
إن للغبراء أحياء وللأجرام أخري
امرها مازال لغزاغامضا فيها وسرا
لن يحيط الناس يوما بالذي في الكون خبرا
لكن الأطماع في المجهول تربو الخمر سكرا
كل مغرور يريد النجم والأفلاك حكرا
*****
أن ملكت الأرض برا بالذي فيه ، وبحرا
وعلوت الأنجم الزهراء (مريخا وشعرى)(5)
ونشرت الرعب والأرهاب بين الخلق نثرا
هل تنال الخلد في الدنيا ، وخير الأرض بترا ؟(6)
أم جعلت البحر والأجواء للأحياء قبرا
*****
إن تكن ألهمت كشفا (صدفة) أو باجتهاد
فالذي قد نلت قطر ما به ري لصاد(7)
والذي في الكون بحر دونه (خرط القتاد)( 8 )
لم إذن ياجلف تطغى في بحار أو بلاد ؟
وتسد السبل عمدا دون أرزاق العباد
*****
انني في أمر هذا الأحمق المغرور حائر
لست أدري ماالذي يجنيه من تلك المخاطر
غير أوهام تنامت واستقرت في السرائر
حين يأتي الشر حتما هل علي الأشرار قاصر ؟
أم يعم الناس فوق الأرض من بر وفاجر
*****
شد ما أخشي علي الغبراء من علم جموح
في عقول زمجرت فيها أعاصير الطموح
لا تبالى مايصيب الخلق منها من جروح
أودمار شامل في غفلة العلم الصحيح
يجعل الدنيا هباء ذاهبا في كف ريح
*****
أنت يا إنسان خلق من ذباب الأرض أضعف
كلما أقصيته قد عاد منهوما وألحف
وإذا ألقيت سما فوق مرعاه تكيف
ثم يغزو وجهك الساجي كما كان وأعنف(9)
أنت من هذا وهذا من هزيل الخلق أرهف
*****

1- عازب=غائب بعيد
2- اكدي= قل خيرة وانقطع
3- الغبراء= الارض ، رفدا= عطاء
4- المريخ والشعرا = كوكبان من المجموعة الشمسية
5-بترا=يتابع
6- صاد = عطشان
7- خرط القتاد مثل قديم للصعوبة والاذى ، القتاد= الشوك
8- الساجي الساكن الهادئ

كتب بواسطة حفيدة الشاعر( بسمة)