منتدى محبى الشاعر محمد صان الدين
اسعدنا تواجدكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى محبى الشاعر محمد صان الدين
اسعدنا تواجدكم
منتدى محبى الشاعر محمد صان الدين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حوار مع... (قصة قصيرة)

اذهب الى الأسفل

حوار مع... (قصة قصيرة) Empty حوار مع... (قصة قصيرة)

مُساهمة من طرف Dr. Monzer Saneldeen الثلاثاء مايو 29, 2018 6:32 am

حوار .. مع
تأليف: الشاعر والكاتب والقصصى/ محمد عبد الرحمن صان الدين
" كان لقاء، ولكنه لقاء على غير موعد مضروب، لأنه لا يواعِد ولا يواعَد، وإنما هي الصدفة ساقتني إليها قدماي بدون قصد، وكان حوار وحديث ولكنهما لم يكونا بأحرف وصوت، لأنه لا يفصح ولا يبين. وإنما هو حديث الذهن وحوار الخاطر، وليس اللسان والقلم إلا ترجمانين لهما. هذا مسموع ، وهذا منظور.
ففي صباح يوم من أيام الربيع استيقظت من نومة قصيرة أثر سهرة طويلة مع كتاب من الكتب المترجمة التي تعرض بعض آراء ونظريات لفلاسفة الغرب الذي يقال: أنه رأى مستنير، يحلق في سماوات المعاني، ويغوص فى بحار الحكمة. وأحسست بانقباض الصدر، وخمول الذهن، وفتور الجسم فقلت إذا لابد من تحرك إلى مكان فسيح فيه تسرية للنفس، وجلاء للفكر، وحفز للنشاط والحركة، وليكن ذلك المكان هو حديقة الحيوان، ففيها إلى جانب النزهة علم وثقافة وارتياد لعالم الحيوان الرحيب العجيب. فما أن وصلت إلى الحديقة وولجت بابها حتى أخذت في التجوال بين الأقفاص والحظائر التي صممت لتكون ملائمة لبيئة كل جنس من أجناس الحيوان التي تحفل بها. ووقف بى التجوال حيث يقطن صاحبي. فرأيته في رحبة أمام بيته جالسا على قمة صخرة جلسة المتأمل المترقب وهو يتابع الغادى والرائح بعينين يظلهما حاجبان كثيفان وينبعث منهما بريق خاب ينم عن أنه قرد عجوز معمر .
كان مرآه طريفا يوحى بشتى الخواطر والفكر، فوقفت قبالته ورفعت يدي محييا قائلا له ـ وعلى فمي ابتسامة خفيفة ذات معنى ـ : سعدت صباحا وطاب يومك يا ابن العم، فحدجنى بنظرة حادة فاحصة ثم استدار موليا إلى جهة أخرى في ضيق واشمئزاز، فدرت مع سور الجبلاية حتى وقفت قبالته مرة أخرى وأعدت التحية، فحرك شدقيه كأنه يقول: ماذا .. ماذا يا هذا ؟ قلت: إنني أحييك يا ابن العم. فقال في تهكم وازدراء: أي عم تعنى أيها الإنسان الفضولي ؟ قلت : أعنى أن بيني وبينك وشيجة قرابة ونسب، فجدى الأعلى وجدك فرعان من أصل واحد هو القرد الأعظم . فقهقه القرد ساخرا ثم قال: وما الذي مسخك أيها الإنسان وصيرك في هذه الهيئة الذرية المشوهة التي تختلف عن هيئة القرود المهيبة ؟ وابتسمت لهذا التهجم وقلت في نفسي: سبحان الله الذي جعل لكل مخلوق عيونا لا ترى الجمال والكمال إلا في ذاته هو. وتذكرت القصة التي تحكيها العامة والتي تقول : رأت الخنفساء يوما صغارها تتسلق حائطا بأرجل مرتعشة في لونها الأسود القبيح ورائحتها الكريهة فقالت وهى معجبة مزدهية بها: ما أجمل وما أبدع هذا الدر المنظوم ؟
إنها الذاتية المودعة في كل كائن حى ليبقى مندفعا في الحياة منجذبا إليها، فلو نظر إلى نفسه بالعين التي ينظر بها إلى غيره من المخلوقات لهانت عليه نفسه ولاشمأز منها وفضل أن يتلاشى من الوجود وينقرض ولكنها حكمة الله.
واتجهت إلى القرد قائلا له: يا ابن العم إنه التطور والارتقاء، فقد تطورت سلالتنا مع العصور المختلفة وارتقت حتى صارت في هذه الصورة الجميلة والهيئة البديعة. فقال القرد: ومن أين جئت يا آدمي بهذا القول العجيب؟
قلت: إنها نظرة النشوء و الارتقاء.. ألم تسمع بها  من قبل؟
قال ـ وقد وضع أصبعه على جمجمة رأسه الناتئة ـ: حدثني والدي في فجر شبابي قائلا : أن جدي قال له وهو صغير: يا بني إن الإنسان في هذه الأيام يردد أن يقحم نفسه في عترتنا، ويلتصق بنسبنا العريق مدعيا ـ زورا وبهتانا ـ أنه ـ أي الإنسان ونحن قد انحدرنا من جد واحد هو القرد الأكبر، دون استحياء أو احتشام. فما أعجب الإنسان ؟ وما أشد جرأته. سمعت هذا القول من أبى فلم أعبأ به إذ ذاك ولم ينل منى اهتماما ـ ولعلى كنت لا أدرك مرمى هذا الإدعاء ومقتضاه، فسقط من فكرى ونسيته في غمرات الحياة، حتى ترامى إلى سمعي منذ أعوام قليلة كلام يشبه ما حدثني به والدي عن جدي كان يتحدث به بعض شبابكم من لابسي الزى الافرنجى  ولعلهم كانوا من طلاب الجامعات، ولم تكن حالتى النفسية تسمح لى بالتأمل والتفكير فيه إذ كنت حديث عهد بمفارقة الغابة والعشيرة، وتنهد مستعبرا وهو يقول: أين أنا من الغابة و الأهل والحرية .. آه من الإنسان وقسوته. وطرحت ذلك الكلام حتى جئت أنت اليوم. فهل لك في أن تجلو لى بعلمك ما خفى وغاب عنى أيها الإنسان المستنير.
وقفز القرد قفزة خاطفة تلقف أثناءها بيده شيئا ألقى به إليه بعض المتفرجين وقشره بمهارة وألقى بمحتوياته في فمه إنها حبة من الفول السوداني، ثم عاد إلى جلسته متجها إلىّ وقد تدلى ذنبه خلفه من الصخرة وهو يتأرجح يمينا وشمالا ونظر إلىّ في ترقب كأنه يقول: هات ما عندك. إنني مصغ إليك. فقلت في زهو وخيلاء: لقد تمخض عن هذه النظرية عقل دارون العبقري الجبار. قال القرد: وما دارون ؟ قلت: ألا تعرف دارون ؟ ألم تسمع باسمه من قبل ؟ إنه العلامة المفكر الذائع الصيت .. قال القرد: أعنى من أي أجناس المخلوقات هو ؟ قلت: إنه إنسان راق مستنير .. فضحك القرد وقال في تهكم: هه إنسان .. إذا فقوله هراء وافتراء أشم فيه بحاستى القردية رائحة الجحود والنكران فقلت غاضبا منفعلا: هل يليق من مثلك وصف النظريات العلمية بأنها هراء وافتراء. ولكنك حيوان أعجم غير مدرك لمكانة ذلك الرجل ولا لمفهوم نظريته، فقال القرد: أيها الآدمي المغرور، ليس العلم تخيلا وتخمينا وتلفيقا، إنما العلم ما كشف عن حقيقة أو أرشد إلى طريق تؤدى إليها. فما أكثر ما نسب إلى العلم من الترهات زورا وبهتانا تماما كنسبة الإنسان إلى القرد. قلت فماذا عن الجحود والنكران فيما ذكرت آنفا قال: إن الكتب السماوية التي نزلت على الرسل والأنبياء فيكم وفى قمتها القرآن الكريم تقرر في وضوح بين أصل الإنسان، فآدم أبو البشر صنعه الله من طين ابتداء ونفخ فيه من روحه ليكون الإنسان الأول، وليس انسلاخا أو تفرعا من جنس أخر، وقد بث الخلق الجليل في الأرض من كل دابة أي جنس لكل صفاته وخصائصه وسماته الخاصة به والتي تتوارثها سلالته إلى أن تزول الأرض وما عليها، فطرح ما جاء في تلك الكتب المقدسة هو عين الجحود والنكران . قلت: أو تعرف أنت الرسل والأنبياء والكتب المقدسة أيضا ؟ قال: عجبا لك أيها الإنسان  ولكن لا عجب، فالنسيان من طبعك منذ خلقت هل غاب عنك أن الله يعرف ويسبح له من في السماوات و الأرض ـ حتى الذي تحسبه جمادا لا حياة فيه ـ كل بعلمه وطريقته التي ألهمه الله بها، ونحن معشر الحيوان نرى ونسمع ما لا ترى ولا تسمع أنت يا ابن آدم لما ران على قلبك من غفلة وأوزار حيث يعشش في تجاويفه الشيطان المسلط عليكم في حين أننا في براءة وعافية منه. ولكنك أيها الإنسان تهرف بما لا تعرف فوا رحمتاه لك قلت: أيها القرد العجوز، لقد بالغت في السخرية من الإنسان والتهكم به وازدراء تفكيره واستنتاجه فما يدفعك إلى ذلك، والإنسان مكرم مفضل ؟ يا .. فقال: مهلا يا صاحبى، لا يجنح بك الغضب، ولا يعزب بحلمك النزق الشيطاني فيك واسمع منى. لقد عبد الإنسان الحيوان والطير من دون الله، وقدس الأشجار والنبات، وقدم القرابين للنجوم والكواكب والبحار والأنهار، وسجد للمعادن والصخور بعد أن صاغها ونحتها بيده، بل إن الإنسان عبد الإنسان وسجد له، وحين ارتقى واستنار بالعلم ـ كما يدعى ـ عبد الآلة، وقدس المال كيفما كان. هذا هو الإنسان في أطواره .فأين عقله الذي هو به ويزدهي ؟ فقلت للقرد ـ وقد بلغ كلامه من نفسي موقعا ـ: ألا ترضى القردة بانتماء الإنسان إليها ؟ قال ـ وهو يهز رأسه في عصبية ـ كلا .. كلا نحن معشر القردة لا نرضى التزوير والإدعاء، وتمويه الحقائق وتلبيسها على الرائي. إننا بفطرتنا التي فطرنا الله الخالق الجليل عليها، وما أجلها وأبدعها. أننا نأخذ الحياة كما هي، فالأبيض أبيض والأسود أسود. أما أنتم يا سلالة آدم فقد درجتم على التمويه والتزوير، والمخاتلة والمخادعة، والتكبر والغرور، والعدو وراء المطامع، واستهواكم بريق الحياة الكاذب ولألاء السراب الخداع. وما جعل الله تبارك وتعالى فيكم الرسل والأنبياء إلا لأنكم في حاجة إلى من يرشدكم إلى الحقيقة، ويقيمكم على النهج السوى، ويذكركم ما تنسون لتستقيم لكم الحياة، فسرعان ما تنهار عزائمكم، ويطويكم النسيان، فتتفرق بكم السبل وتهيمون في بيداء الأهواء والترهات. أما نحن معاشر القرود فلسنا في حاجة إلى رسل وأنبياء، لأن طريقتنا واحدة هي طريق الحياة الحقة، وطبيعتنا ذات لون واحد لا يحول ولا يتغير، إننا نحيا في ساعتنا كيفما كانت. لا نجرى وراء الأوهام، ولا نلهث خلف الامانى. وحسبنا ملء بطوننا ـ حين نجوع ـ مما أتيح لنا من طعام . وقد ألهمنا الخالق جل جلاله: أن كل ساعة في الغيب تأتى ومعها ما قسم لنا فيهم من رزق بأسبابه و ... و ... و أراد أن يمضى هذا القرد المعمر في حديثه فبادرته قائلا : وماذا عن نظرية النشوء والارتقاء التي تقرر أن الإنسان فرع من سلالة القرد تطور وارتقى حتى صار في هيئته وصفاته الراهنة، والتي تمتد في غياهب الماضي إلى ما لا يعلمه إلا الله، فقال القرد وقد بان عليه شيء من الضجر: لقد شغلتني يا هذا عن تسقط ما يلقى إلى من كرماء أبناء جنسك من طعام ومسليات وأضعت وقتي في حديث لا طائل منه ولا منك، فإنك لم تلق إلى بشيء مما تأكله وتتسلى به، وما أحسب ذلك منك إلا شحا وأنانية. فقلت له متأسفا: عذرى في ذلك أن إدارة الحديقة وضعت لافتات كتب عليها تحذير من إلقاء الأطعمة إلى الحيوانات حفاظا على سلامتها، ووقاية من الأمراض والضرر فقال بصوت فيه رنة من ألم قديم: آه لقد ذكرتني، فمنذ أيام ألقى إلى أحد الأشقياء من أبناء جنسك قثاءه غضة شهية ـ وكنت جائعا ـ فقضمت منها قضمة كبيرة ، فما أن أجلتها في فمي حتى شعرت كأني قضمت شعلة من النار فألقيت ما في يدى ولفظت ما بقى في فمى، و أخذت أصرخ وأتلوى، فأسرع الحارس بإحضار إنسان يقال: إنه طبيب ففتح فمى فرأى بقية ما أكلت وأخذ الجزء الذي رميته من القثاءة على الأرض، وبعد الفحص قال لا بأس لا خوف عليه. إنها حبات من الفلفل الأحمر دست في الخيارة، وبعد قليل يبرد أثرها ويهدأ، ولكنى بقيت طوال يومى وليلتى أشعر بالتهاب فمى وحلقى وجوفى وعلمت أن الحارس قد عوقب لإهماله وغفلته عن عبث العابثين، فهل يصدر منا نحن القردة مثل هذا الإيذاء بلا مبرر ؟ فقلت إذا أنا محق قال: نعم قلت: ولكنك لم تجبنى حتى الآن عن سؤالى. فقال تعنى نظرية .. نظرية قلت: دارون، قال: فما الأساس الذي بنى عليه ذلك الإنسان الذي اسمه .. اسمه قلت: دارون . قال: الذي بنى عليه دارون أسطورته المضحكة هذه. قلت: لقد نبتت في ذهنه بما لوحظ على الهياكل التي وجدت في طبقات الصخور الموغلة في القدم، وكشفت عنها الحفريات العلمية. فقال القرد : إيه فماذا لاحظ ؟ قلت لاحظ أن هناك تشابها كبيرا بين هيكل الإنسان وهيكل القرد مما يدل على أنهما من نبعة واحدة قال: هيكل القرد في عصرنا هذا أم في عصر الهياكل حينما كانت على قيد الحياة ؟ قلت : وماذا في هذا ؟ قلت: كان قديما أو حديثا فقال: لا ـ لا هناك الكثير أيها الإنسان العجول: فإن كان دارون قد عقد التشابه بين الهياكل القديمة فلم لا تكون كلها هياكل قردة مع اختلاف أنواعها، أو هياكل آدمية في مختلف هيئاتها، فإن الناس يختلفون في أحجامهم وهيئاتهم وملامحهم وألوانهم باختلاف الأقاليم والبيئة بمعناها الواسع، وإن كان دارون قد عقد التشابه بين الهياكل القديمة والقرد في عصوره الحديثة بمعنى أن الإنسان القديم يشبه القرد الحديث ولكنه ـ أى الإنسان ـ تطور وارتقى ـ كما يقولون ـ أى أنه كان يتمتع بذيل كذيولنا نحن القردة ولكنه بفعل التطور أخذ الذيل يتقلص شيئا فشيئا حتى تلاشى منه. أليس كذلك ؟ قلت: نعم ، فقال القرد الماكر: هراء وهذر. واسمع أليس التطور سنة من سنن الحياة ؟ بمعنى أن كل شيء يتطور وبالأخص في المخلوقات الحية. قلت: نعم. قال: أو لسنا أبناء عمومة كما تدعى ويدعى دارون ؟ قلت: نعم. قال فلم لحقكم التطور فتلاشت ذيولكم، ولم يلحقنا نحن فبقيت ذيولنا كما هي ؟ أم أننا كنا في الماضى شيئا آخر في شكلكم مثلا وارتقينا إلى شكلنا الراهن. وسكت القرد وفى عينيه بريق التحدى. وسكت أنا ريثما التقط أنفاسى، واستجمع أفكارى، فرأيته يقفز في سرعة فائقة ويتسلق الصخور حتى وصل إلى أعلى قمة في الجبلاية وجلس عليها بحيث يرى الحظائر والأقفاص القريبة من محيط الجبلاية، وجال بعينيه الغائرتين ثم أشار بكفه قائلا: أنظر. أنظر هناك. ماذا ترى ؟ إنها طيور مختلفة الأشكال والطباع و ... فماذا ترى كانت قبل أن تكون طيورا ؟ وانظر هناك. إنك ترى الأسد والنمر والحمار والزرافة و ... و... فماذا كانت قديما ثم تطورت إلى هيئتها وطبيعتها الحالية بمقتضى مفهوم نظرية دارون وسنة التطور أحسب أنها كانت شيئا آخر يختلف أو يتشابه معها حاليا وإذا تستطيع أن تدعى أنها قردة وتطورت أو إنسانا ثم ارتقت إلا أن الحظ لم يوافقها فيظهر في الحفريات ما يردها إلى أصولها القديمة  ولكن أخبرنا أنه كان في عهد جدكم الأعظم آدم عليه السلام أفاع وحيات. وهى لا تزال أفاعى وحيات وعلمنا من القرآن الكريم : أنه كان في عهد ابني آدم قابيل وهابيل غربانا، ولا تزال كما هي غربانا. وقس على ذلك في عالم  الحيوان وعالم النبات. فما أرى وأعتقد يا عزيزي الإنسان إلا أن الخالق العظيم قد بث في هذه الأرض الأجناس كلها. كل جنس بأنواعه له طبيعته، فإن تشابه في بعض الصفات مع جنس آخر اختلف في باقيها، وتبقى الطبيعة والسمات الأصيلة ثابتة كما هي. فالتطور إنما يلحق الصفات العارضة كالطول والقصر، والبدانة والقماءة، والألوان والصفات المعنوية المكتسبة كالعلم والخلق و ... قلت : أيها القرد الحكيم قد فاتنى أن أذكر لك أن هناك طفرة من طفرات الطبيعة قد حدثت في عصر ما من العصور السحيقة جعلت هذا النوع من عائلة القردة يرتقى ليصير إنسانا، فقال القرد: الأصح أن تقول طفرة من طفرات الخيال الآدمي الجانح، فليست هناك طفرات ولا صدف إنما الحياة تسير وفق سنن كونية إلهية قام عليها الوجود، لا تتخالف وإلا اضطرب نظام الكون وتحطم. قلت: وفاتنى أيضا أن أذكر لك أن تلامذة دارون وشُراح نظريته قالوا: أن هناك حلقة مفقودة بين الإنسان والقرد فقفز القرد الناحل عدة قفزات كأنه كرة تتنزى وقد رفع يده في حركة بهلوانية وهو ينحنى ويعتدل إعرابا عن السرور والفرح وهو يقول هنا تربض الحقيقة الناصعة وتتكشف للناظرين، ومن هنا ينبلج الصبح لذي عينين، ولعلك أردت يا إنسان أن تقول: إن هناك حلقة موجودة ألا وهى الحقيقة .
وهنا قد سمعت أجراس الحديقة تدق إيذانا بانتهاء الزيارة للحديقة ، فودعت القرد الحكيم شاكرا له ما فهمنى إليه وكشف لى عنه، وانصرفت إلى منزلى لأكتب هذا الحوار ."

نشرت على جزأين فى مجلة:
رسالة الأزهر
العدد 41
السنة الأولى
الخميس 14 جمادى الآخرة 1402 هـ
العدد42
السنة الأولى
الخميس 21 جمادى الآخرة 1402

اعدتها
يارا منذر حفيدة الشاعر
Dr. Monzer Saneldeen
Dr. Monzer Saneldeen
Admin

عدد المساهمات : 267
تاريخ التسجيل : 13/01/2014

https://saneldeen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى